ميناء ميدي الكريم : جزء من تاريخ هذا المرفأ العظيم

ميدي : الميناء الكريم 

﷽

سنتكلم في هذا المقال بمشيئة الله تعالى عن جانب من تاريخ ميناء ميدي ، وهو نقل مشروح لكلام المؤرخ عبد الله بن علي العمودي رحمه الله ، والذي كان قاضيا في ميدي وإماما لجامعها في فترة الدولة الإدريسية .

يقول العمودي رحمه الله في "مختصر تاريخ اللامع" ، تحقيق عبد الله أبو داهش  ص 314 :

وسنشرح كلامه فيما يلي إن شاء الله : يتكلم العمودي عن أحداث سنة 1308 للهجرة والموافقة للعام 1891م، وتلك الأيام كانت في خضم الصراع الكبير من الممالك الكبرى : الدولة العثمانية ، إيطاليا ، بريطانيا ؛ على البحر الأحمر وسواحله.

 يتكلم العمودي هنا في هذا النقل عن انتشار بيع الرقيق ، والسلاح الفرنسي وقد تكلمنا سابقا - وسنتكلم مستقبلا إن شاء الله - عن دور بني مروان في تهريب وإدخال هذا السلاح المسمى ب " أبو سك " إلى اليمن . وتحريج الدولة العثمانية على ذلك ومعنى "تحريج" : منع ومحاربة .

يقول " وخرجت في طلبه مراكب ...."  إلى قوله " وكذلك إيطاليا منعته " ويعني المؤلف بذلك : أن السلاح الفرنسي كان ممنوعا تداوله أو بيعه في تلك المنطقة وغيرها ، حتى من دولة إيطاليا المحاربة للعثمانيين والموجودة أساطينها في البحر الأحمر وسواحل إفريقيا من الشرق .

ثم يقول " وكان الناس يخاطرون بأنفسهم في مشترياته وجنبخانته .... " ويعني بذلك : أن المهربين والمتاجرين في هذا السلاح ( والذين أشهرهم بنو مروان وقراصنتهم المحاربين للسفن الغازية ) كانوا يخاطرون بأنفسهم في بيعه وشرائه وتهريبه رغم منع دولتين عظيمتين لذلك وهي : تركيا ، وإيطاليا . ومراقبة السواحل البحرية .

وفي كل ذلك إشارة إلى شجاعة وبسالة بني مروان وغيرهم ممن كان معهم في تلك الأعمال .

ثم يقول " وجلبته الدناكل في السفن الكبار ... " إلى أن قال " وفتحوا متجراً بميدي فيه " . ومعنى كلامه : أن الدناكل وهم طائفة من قبائل الساحل الإفريقي ( من أرتيريا وأثيوبيا ) كانوا يهربونه بمساعدة بني مروان إلى البر العربي ( والمقصود به ميناء ميدي المرواني ) ، وفتحوا متجراً بميدي لبيعه .

ثم يقول : " ووقع عليهم غير مرة الرمي من المدافع من المراكب على سفنهم الكائنة بميدي " . ومعنى كلامه : أن السفن العثمانية والإيطالية المانعة والمحاربة لتهريب هذا السلاح والاتجار به قامت برمي سفن الدناكل الحاطة بميناء ميدي .

ثم يقول العمودي " كون ميدي أسكلة بني مروان ، وهي قبيلة خارجة عن أيدي الدولة العلية .... إلى نهاية كلامه الموجود في هذا النقل " .

ويعني بذلك: لأن ميدي أسكلة ( ومعنى أسكلة أو إسكلة هو ميناء أو مرفأ ) بني مروان الخارجة عن أيدي الدولة العلية ( والدولة العلية هو اسم الدولة العثمانية ) .

ويتضح لنا أن الرمي الواقع على ميناء ميدي كان لأسباب : -

• 1- أن ميناء ميدي المرواني يعد أكبر مورد للسلاح وغيره في تلك المنطقة مما تمنعه الدولة العثمانية.
• 2- عدم تمكن الدولة العثمانية من السيطرة على بني مروان ومنع ما تعده الدولة مخالفاً .
• 3- عدم تمكن الدولة العثمانية وإيطاليا من السيطرة على ميناء ميدي بشكل حاسم .

شرح معاني الكلمات الغير مفهومة في كلام العمودي :

• 1- تحريج : منع ومحاربة .
• 2- جنبخانته  :  يقصد الجبخانة وهي مخزن للعتاد الحربي .
• 3- الدنكل أو الدناكل : طوائف وقبائل إفريقية على سواحل جنوب السودان وإثيوبيا وإرترتيا وجيبوتي وغيرها .
• 4- أسكلة : المقصود إسكِلة وهي ميناء ومرفأ السفن .
• 5- الدولة العلية : السلطنة العثمانية .

ختاماً : يتضح لنا في هذا النقل ما يلي :-

• 1- الشجاعة المروانية المعهودة في ذلك الزمان ومقاومة المراونة للغزاة الإيطاليين أو للظلم العثماني .
• 2- فضل بني مروان على كافة اليمن بإدخالهم للسلاح إليه ليتقوو به على محاربة الظلم والاستبداد العثماني .
• 3- فائدة ميناء ميدي في تقوية كفة بني مروان على القبائل الأخرى ، الأمر الذي ساهم في جعلها أقوى قبائل تلك الجهات ، وساعد في تمكينها من بسط نفوذها القبلي على غيرها من القبائل . 
• 4- دور قراصنة بني مروان العظيم في تقوية العرب وفتح خطوط التجارة الساحلية رغم المنع والمراقبة ، وهذا يؤكد أن قرصنتهم للبحر لم تكن لقطع الطريق وإخافة السابلة من الأبرياء كما يعتقد البعض .
• 4- ازدهار ميدي وكثرة مرور الحركات التجارية فيها في ذلك الوقت وإن كانت تعدها الدول غير رسمية - في نظر الدول المستبدة - وتميز القبائل المروانية في ميدي بالشجاعة وحماية الجار كما هو معروف من قصة أحمد آدم الإفريقي الذي احتمى بقبيلة بني مروان واستجار بها ، وتعزز في جوارها كما يروي المؤرخون ذلك بالنص .

انتهى مقالنا هنا وندعوكم لتصفح بقية مواضيع المدونة من هنا 👇
https://tuhamah.blogspot.com/